منتديات الحرية والتقدم
مرحبا بكم في بيتكم سعدنا بحضوركم ويكون سرورنا أكبر لو تكرمتم بمرافقتنا في هذا الفضاء الذي يمكنه الرقي والازدهار بمساهماتكم
منتديات الحرية والتقدم
مرحبا بكم في بيتكم سعدنا بحضوركم ويكون سرورنا أكبر لو تكرمتم بمرافقتنا في هذا الفضاء الذي يمكنه الرقي والازدهار بمساهماتكم
منتديات الحرية والتقدم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الحرية والتقدم

هذه المنتديات فضاء حر جاد للمساهمات الفكرية ولمختلف أشكال التعبير ذات الاهتمام بموضوع الحرية وارتباطه بالتقدم والرقي في ظروف إنسانية كريمة متنامية ومتواترة الازدهار دون هوادة *** لا يعبر ما ينشر في المنتديات بالضرورة عن موقف الإدارة وهي ليست مسؤولة عنه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

النظام العالمي الجديد يبرز بسرعة إلى الوجود

الشرق المتكون من روسيا القوة العسكرية الأولى في العالم ... الصين القوة الأولى الاقتصادية والتجارية حاليا .. النمور الآسيوية المتوثبة الصاعدة بسرعة ... مجموعة البريكس بصفة عامة ... أطراف أخرى متعاونة

 

 هل يشكل العرب داخل إسرائيل حالة سياسية؟ .. د. عزمي بشارة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد المالك حمروش
المدير العام
المدير العام
عبد المالك حمروش


عدد المساهمات : 2175
تاريخ التسجيل : 10/06/2011
الموقع : منتدبات الحرية والتقدم

هل يشكل العرب داخل إسرائيل حالة سياسية؟ .. د. عزمي بشارة Empty
مُساهمةموضوع: هل يشكل العرب داخل إسرائيل حالة سياسية؟ .. د. عزمي بشارة   هل يشكل العرب داخل إسرائيل حالة سياسية؟ .. د. عزمي بشارة Emptyالثلاثاء سبتمبر 13, 2011 4:51 am

هل يشكل العرب داخل إسرائيل حالة سياسية؟

د. عزمي بشارة

2011/01/12

خلفية تاريخية قصيرة

نهوض وطني

الواقع المركب

هل يمكن أن يشكّل المواطنون العرب في الداخل حالة سياسية في هذه الظروف المركبة؟

التصعيد الإسرائيلي اليميني الراهن





خلفية تاريخية قصيرة:

كما هو معروف بقي بعد النكبة في داخل حدود الهدنة عام 1949 حوالي مائة وخمسين الف عربي من الفلسطينين أبناء المكان. وقد بقوا لأسباب مختلفة تتفاوت بتفاوت زمان ومكان الاحتلال الذي تعرضت له القرى والبلدات العربية خلال حرب 1948
ويمكن القول بقدر من اليقين أن الأشلاء التي بقيت لم تشكل شعباً متماسكاً، بل تجمعات سكانية متناثرة بقية من شعب شرد الى جهات الأرض الأربع. ما تبقى هو قرى وبلدات صغيرة ضعيفة اقتصادياً ومعزولة عن شعبها وأمتها، منشغلة بالبقاء غير قادرة سياسياً وحضارياً على إستيعاب التحولات الوجودية الكبرى التي عصفت بها. وغابت القيادة السياسية، لأن قيادة الشعب الفلسطيني التقليدية وغير التقليدية انتقلت الى المنافي بعد الشتات.

وخلت فلسطين داخل خطوط الهدنة من الفئات المدينية والبرجوازية الصاعدة والطبقة الوسطى وكبار ملاك الارض. ما بقي هو ريف زراعي متناثر مشتت غير قادر على التواصل في غياب تكنولوجيا وسائل الاتصال وفي غياب سوق عربي واقتصاد عربي، ولأنه مقيّد الحركة وخاضع لحكام عسكريين على مستوى البلدة والناحية والمنطقة.

منح العرب الباقون في الداخل المواطنة الإسرائيلية بعد انتهاء الحرب. جرى هذا لأسباب مختلفة لا مجال للخوض فيها في هذا المقال. وشكلوا في تلك الأيام 12.4% من المواطنين . وقد شاركوا في الاقتراع لانتخابات الكنيست الاولى عام 1949 بنسب عالية ازدادت اكثر طبعا في انتخابات العام 1951 مع استقرر الأوضاع اكثر قليلا.

من الواضح أنهم اعتبروا التصويت شكلا من أشكال الولاء، أو للدقة التظاهر بالولاء للكيان السياسي الجديد الذي قام على أنقاض الشعب الفلسطيني. ومن نافل القول أنه لم تنشأ أحزاب عربية، ولم يسمح بقيام أحزاب من هذا النوع. وقد توطّد نهج المشاركة والتصويت مع الزمن، خاصة وان الانتخابات كانت تجري مع انتخابات البلديات في اليوم ذاته. ثم بدأ الهبوط في النسب منذ الثمانينات.

وقد شكّلت البنية الاجتماعية التقليدية التي تؤكد على الانتماء للعائلة الممتدة (العشيرة) والقرية والناحية والتي يمثّلها زعماء محليين وسيطا بين السكان المحليين من جهة، والدولة متمثلة في الحاكم العسكري وبالدائرة العربية في نقابة العمال العامة ال"هستدروت" (التي كانت أكثر من نقابة وشكلت جزء رئيسيا من المؤسسة الحاكمة كقطاع اقتصادي واسع وكذراع استيطاني) ولاحقاً مؤسسات الدولة المركزية من جهة أخرى. وتحوّل بعض هؤلاء الزعماء المحليين إلى نواب في الكنيست بعد أن استخلص مستعربو حزب العمل وأجهزة الأمن الإسرائيلية من هذه البنى الاجتماعية قوائم عربية مرتبطة بحزب العمل تخوض الانتخابات للبرلمان.

ففي حينه لم تسمح الاحزاب الاسرائيلية بعضوية العرب فيها ( وربما لم تتوقع أن يقبل العربي أن يكون عضواً فيها) ولذلك أقامت قوائم عربية مرتبطةً بها تألفت من زعماء ريفيين تقليديين، وقام مستشرقو "الدوائر العربية" في الحزب الحاكم والهستدورت بتوزيع تلك القوائم على اساس المناطق: جليل، مثلث، (ولاحقا النقب)، وعلى اساس طائفي ايضا.

لقد انجب هذا النوع من الاتصال بين القيادات التقليدية والدولة الوليدة مطلب "قيادة الطائفة الدرزية" أن يخدم ابناؤها في الجيش. وقد طالبت قيادة الطائفة بتجنيد الدروز عام 1954، ولبى بن غوريون الطلب عام 1956. ومنذ ذلك العام وضعت السكة للمسار الخاص بتطور هذه الفئة من العرب في الداخل بنتائجه الاجتماعية والسياسية الكارثية.

في تلك الفترة كان التصويت لتلك القوائم يعني التصويت للأحزاب الصهيونية التي رعتها، وبالأساس حزب "مباي" الحاكم الذي تحول فيما بعد الى حزب العمل. ولكن لم يكن غريباً أن نجد عرباً يصوتون بنسب مرتفعة للأحزاب الصهيونية مباشرةً، وحتى للحزب القومي الديني المتطرف "المفدال"، وذلك بموجب الوزارات التي يديرها الحزب الصهيوني، والخدمات التي يعد بها الزعماء المحلييون ومقاولو الأصوات مواطنيهم في حالة التصويت لذلك الحزب.

في تلك الأيام كان الحزب الإسرائيلي الوحيد الذي يعلن عن نفسه أنه غير صهيوني هو الحزب الشيوعي الإسرائيلي الذي قام بعد الإحتلال مباشرةً من دمج الشيوعيين العرب الذين بقوا داخل الخط الأخضر مع الحزب الشيوعي الفلسطيني PKP الذي كان مؤلفاً من مهاجرين يهود. لقد اعترف هذا الحزب بدولة إسرائيل فور قيامها، وساهم أعضاءه في ما يسمى ب"حرب الاستقلال"، أي حرب احتلال فلسطين. ووقَّع ممثله (مئير فلنر) على وثيقة استقلال اسرائيل.

ومع ذلك، وكجزء من الحركة الشيوعية العالمية، ظل هذا الحزب يعلن عن نفسه إيديولوجياً، أنه غير صهيوني، بل معاد للصهونية. هذا مع أن تعريف الحزب في البند الثاني من دستوره كان أن الحزب الشيوعي الإسرائيلي هو حزب الأممية البروليتارية والوطنية الإسرائيلية. حصل هذا الحزب على 22% من أصوات العرب عام 1949 في مقابل 27% حصلت عليها الأحزاب الصهيونية و51% حصلت عليها القوائم العربية المرتبطة بحزب العمل. وكان هذا بحد ذاته دليلا على أن عملية التصويت جاءت خوفاً أو قبولاً بالهزيمة. فمن يصوت لهذا السبب يفضل أن يعلن ولاءه للسلطة الحاكمة مباشرة وليس لمعارضيها.

وقد اختفت القوائم العربية المرتبطة بالدولة نهائيا بعد نهوض الوعي الوطني، اي بعد يوم الارض، ولم تتمثل في البرلمان في انتخابات 1981ولم تخض الانتخابات عام 1984. كانت الأحزاب الوحيدة التي تسمح بعضوية العرب فيها هي الحزب الشيوعي الاسرائيلي وحزب العمال الإشتراكي الموحد، "مبام" الذي مثل اليسار الصهيوني وكان شريكاً في الائتلافات الحاكم منذ اليوم الأول. أما الحزب الشيوعي الإسرائيلي فقد ظل معارضاً مثابراً موالياً بشكل كامل للإتحاد السوفيتي. وقد نجح الحزبان باجتذاب أعداد من الشباب العربي المثقف.

وقد فرغت صفوف "مبام" بالتدريج من الشباب ذوي الحس الوطني. أما الحزب الشيوعي الإسرائيلي فقد إزدات جاذبيته لهؤلاء الشباب أولا لأنه لم يُسمح بقيام أي حزب عربي وطني، وثانياً لأن الهوة في المواقف بين الاتحاد السوفيتي وقيادة الحركة الصهيونية اتسعت بالتدريج، ولأنه حصل تقارب بين الاتحاد السوفيتي والتيار القومي العربي في مرحلة من الخمسينات وفي الستينات.

وقد أثر ذلك في النهاية مباشرة على الحزب الشيوعي الاسرائيلي بإنشقاقه عام 1965 بين من انحازوا للوطنية الصهيونية وناقشوا الموقف السوفيتي، واولئك الذين انحازو للموقف السوفيتي الجديد خاصة في مرحلة التحالف مع عبدالناصر. لقد حظي هذا الشق من الحزب الذي سمي بداية "راكح" ( اختصار القائمة الشيوعية الجديدة) بتأيد أوسع من المواطنين العرب وإزداد عدد العرب بصفوفه حتى شكلوا أغلبية اعضاء الحزب، ولا شك أن هذه الموجه دفعت بإعداد كبيرة في صفوفهم في ظروف غياب حزبهم.

ولكن الحزب لم يحز الحزب على أغلبية اصوات العرب وظلت الأغلبية تذهب للأحزاب الصهيونية وازداد في أوساطها عنصر البراغماتية والنفعية على عنصر الخوف، حتى نهاية السبعينات. (عام 77 خاض الحزب الانتخابات في إطار تحالف واسع وحاز على نصف اصوات العرب) .

جرت في تلك المرحلة المبكرة قبل عام 1967 محاولات عديدة لإقامة تنظيمات عربية. وكانت أهمها محاولة إقامة حركة الأرض التي، خلافاً لما يعتقد، طلبت خوض إنتخابات الكنيست. ولكنها مُنعت من ذلك، ثم حُلت كتنظيم، ومنعت حتى من تسجيل نفسها كشركة. وجرت محاولات أخرى لإقامة مؤسسات تحالفية تشمل حزبيين وغير حزبيين ومُنعت هي الأخرى.

نهوض وطني:

فقط في السبعينات بعد نشوء فئات واسعة نسبيا من المتعلمين والمثقفين، ونشوء تنظيمات طلابية وبعد أن تبلورت قيادات وطنية من مناطق مختلفة تواصلت وتعارفت كحالة اغتراب في إطار إسرائيلي، هو الجامعات الإسرائيلية، وبعد نشؤ بدايات طبقة وسطى من المهنيين وصغار رجال الأعمال، راحت تتولّد حركات وطنية عربية منظمة ذات خطاب قومي عربي أو وطني فلسطيني.

وإضافة للانتشار التدريجي للوعي الوطني بين هذه الفئات عبر السنين، والتجاوز التدريجي للخوف، لم يأت توقيت النهوض صدفة. فقد كان ذلك في فترة هي فترة صعود الوطنية الفلسطينية بعد هزيمة عام 67، وبعد واللقاء المباشر مع فلسطيني الضفة الغربية وقطاع غزة، وبشكل خاص مع صعود منظمة التحرير الفلسطنية بقوة على الساحة الدولية بعد حرب 1973.

في هذه الفترة نشأت حركات عربية الطابع ذات طابع قطري ( المقصود غير محلي) مثل اللجنة القُطرية للطلاب الثانويين العرب عام 1974، واتحاد لجان الطلاب العرب في الجامعات عام 1975، ثم الاتحاد القُطري للطلاب العرب عام 1976. وهي نفس الفترة التي شهدت قيام التنظيم العربي الأهم حتى ذلك الحين، وهو لجنة الدفاع عن الأراضي العربية. وقد شكّلت الأخيرة ائتلافاً بين القوى الوطنية الصاعدة غير الحزبية والأعضاء العرب في الحزب الشيوعي الإسرائيلي في مرحلة نهوض وطني. وانطلقت بخطوات نضالية ضد موجات جديدة من مصادرة الأراضي العربية توجتها بإعلان إضراب عام في اليوم الذي أعلن يوماً للأرض في 30 آذار 1976.

كانت تلك نواة ممكنة لتجاوز البعد المطلبي ( حتى لو جمع الوطني بالمدني في حالة الأرض) والتحول الى تنظيم وطني شامل للعرب في الداخل. ولكن اي تطور كهذا كان يتناقض مع الاستراتيجة المعلنة للحزب الوحيد فيها، اي الحزب الشيوعي الاسرائيلي. فتعرضت اللجنة لانشقاقات، ثم ضمرت، وانتهت تماما بعد أن صُيِِّرت عضوا في تحالف جبهوي تدعمه في الإنتخابات في الكنيست تحت المسمى الجديد الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة، "حداش". فقد خرجت العناصر الوطنية منها وشكلت تيارات وأحزاب.

ولذلك شهدت الساحة العربية ولادة حركات سياسية وطنية عربياً مثل حركة أبناء البلد والحركة التقدمية للسلام. ومن حيث الخطاب السياسي والمزاج الثقافي بشكل عام يمكن إعتبار هذه الحركات أكثر قرباً لحركات مثل فتح والجبهة الشعبية في ظروف المواطنة الإسرائيلية، مع التناقض الكبير الذي تحمله هذه السياقات الى سياسة وتنقله إلى خطاب وسلوك هذه الحركات. وقد خاضت الحركة التقدمية للسلام انتخابات الكنيست عام 1981 ولكي يسمح لها بخوض الانتخابات تحالفت مع تنظيم يهودي صغير سمى نفسه "ألترنتيفا" (البديل).

كانت هذه التلوينات التي تحولت فيما بعد إلى صراعات هي الإنعكاسات الأولى للواقع المركب للعرب في الداخل، والذي يقوم من حيث إنتاج حياته المادية بالمعنى الواسع للكلمة في واقع إسرائيلي. يشمل ذلك من سبل المعيشة والحقوق السياسية مروراً بالتعليم والعناية الصحية والخدمات على أنواعها.

ولاحقا نشأت تيارات سياسية عربية منظمة تكمل الطريق المنقطع للقوائم التقليدية المتربطة بحزب العمل مثل الحزب العربي من جهة، والتجمع الوطني الديمقراطي الذي شكل صيغة منظمة للحركة الوطنية في الداخل في بخطاب يميزها في ظروف الداخل من دون تبعية لقوى خارجية. كما نشأت الحركة الاسلامية في بداية الثمانينات وانشق هي ايضا عام 1996 بين تيار يشدد على الإسلام كهوية اجتماعية تقليدية في إطار الاندماج في المجتمع والدولة في إسرائيل، وآخر يؤكد أيضا على الإسلام كهوية اجتماعية، ولكنه يتلقي في الكثير من المواقف مع القوى الوطنية ضد الأسرلة.

الواقع المركب

من المتوقع في ظروف عيش ابناء أقلية قومية كمواطنين في دولة، حتى لو كانت دولة احتلال، أن ينشأ تيار قوي موالي لتلك الدولة. يصح ذلك حتى حين تكون الأقلية من السكان الأصليين الذين كانوا أكثرية وأصبحوا أقلية، خاصة إذا كانت معزولة عن أمتها، وضعيفة إقتصادياً وثقافياً، ومن دون مراكز مدينية، ومرتبطة تماماً بالخدمات التي تقدمها الدولة، هذا ناهيك بسيطرة أجهزة الأمن والخوف منها. في مثل هذه الحالة يُفرَز المجتمع بشكل واضح إلى قوى وطنية وقوى غير وطنية.

ولا يصح في المرحلة الأولى تعريف غير الوطنيين كتيار أيديولوجي، خاصة وأنهم يعكسون حالة إجتماعية لا تصاغ في الوعي إلا كمجموعة مخاوف ومطالب وتبريرات ووساطات. أما بعد أن تتوسع حقوق المواطنة، وتزداد الثقة في النفس، وتصبح الدولة المسيطرة أكثر انفتاحاً، بعد أن ترتفع نسب التعليم ويزداد معها الوعي السياسي فإن التعبيرات عن الواقع المركب تصبح أكثر وعياً لذاتها كأفكار، وتتحول الأسرلة والتأسرل من حالة مادية وصيرورة اقعية تميّز الواقع المعيشي إلى تعبيرات على مستوى الهوية، وعلى مستوى الوعي السياسي.

فمع نمو الوعي الوطني الذي تناولناه سابقاً نمى أيضاً وعي إسرائيلي يحمله مثقفون، وليس زعماء تقليديين. ويتطور هذا الوعي الإسرائيلي السياسي على درجات. فقد نجده يبرر الخدمة العسكرية أو الخدمة المدنية، وذلك ليس خوفاً كما كان عليه الحال في السابق، بل لغرض الحصول على حقوق ( بتقليص المفهوم الى خدمات) بثمن قبول مفهوم صهيوني للمواطنة في دولة يهودية. أو نجده يدخل في وعي قوة سياسية عربية معارضة لسياسات الحكومة، ولكنها معارضة كقوة اسرائيلية، وتعتبر نفسها قوة سلام إسرائيلية، أو جسر للسلام مع الدول العربية والفلسطنية وهكذا.

وما أن اخترق الواقع الإسرائيلي الوعي العربي في الداخل على شكل واقعية سياسية واعية لذاتها، حتى راح يتدرج من تقمص كامل لشخصية "الإسرائيلي من أبناء الأقليات" الذي لا يتورّع عن الانضمام إلى حزب الليكود وغيره، وحتى "العربي الإسرائيلي" الذي يغادر حزب العمل ويقيم حزباً عربيا،ً ويتصرف تماماً بموجب قواعد اللعبة الإسرائيلية، ويحاول إثارة إعجاب الإسرائيليين بتقليده شخصية الإسرائيلي، وبإعتداله وواقعيته، ويتبنى تصنيفهم للعرب بين معتدلين ومتطرفين وغيرهم.

ولقد زادت "مسارات" السلام العربية من تركيب هذا الواقع في الداخل. فمن ناحية أصبح بالإمكان أن يتساوق العربي مع النظام الحاكم في إسرائيل، وحتى مع أجهزته الأمنية، وأن يجد مع ذلك أنظمة عربية ترعاه أو تحتضنه باعتباره معتدل. وأصبح من يعارض سياسات الاحتلال الاسرائيلي أو يرفض يهودية إسرائيل أو يطالب بحق العودة للاجئين الفلسطينين يعتبر بأعين إسرائيلية أكثر تطرفاً من دول عربية، بل ويعتبر متطرفاً بأعين هذه الدول أيضاً.

من ناحية أخرى، وفي مقابل هذه التركيب والتشويه نشأت الحاجة لفكر وطني يعيه ويتعامل معه. ومن هنا نشأ تيار وطني عربي يعمل في هذه الظروف المركبة. ويعي أنه لا بد أن يتعامل مع الواقع المركب لمجتمعه على مستوى الحياة اليومية وعلى مستوى الوعي. ومن هنا نشأت المحاولة للجمع بين فكرة المواطنة المتساوية المتناقضة مع الفكرة الصهيونية والوعي الوطني الفلسطيني والوعي العروبي في تركيبة عربية ديمقراطية لا زالت فريدة إلى حد بعيد.

هل يمكن أن يشكّل المواطنون العرب في الداخل حالة سياسية في هذه الظروف المركبة؟

لم تكن المؤسسة الصهيونية ذات الخبرة الواسعة في التعامل مع عرب الداخل غائبة عن تركيب الصورة أعلاه. وهي لا تدركه فقط بل تؤثر فيه بشكل فاعل عبر سياساتها وعبر إعلامها، ومن خلال مناهج التدريس، وبواسطة إحتواء النزعات النقدية في إطار المؤسسة، وعبر التعيينات والوظائف والميزانيات والخدمات وغيرها. وقد طوّرت المؤسسة الإسرائيلية تعاملها مع العرب وفقاً للمرحلة. فقد أبطلت الحكم العسكري عام 1966، وفتحت الأحزاب الصهيونية المجال لعضوية العرب بالتدريج وبدأت في إتباع السياسات توسع هامش النقد وحرية التعبير وتعترف حتى بوقوع تمييز حق المواطنين العرب.

وفي العام 1974-1975 وفي مقابل لجنة الدفاع عن الأراضي العربية بادرت الدولة ( ممثلة في حينه بمكتب مستشار رئيس الحكومة لشؤون العرب) بجمع رؤساء البلديات والسلطات المحلية العرب كقيادات معتدلة. وما لبثت أن تحولت هذه إلى جسم دائم يفاوض الدولة على الميزانيات الممنوحة للقرى والمدن العربية وعلى سياسات التخطيط والبناء. وينتخب غالبية هؤلاء على أساس محلوي أو عشائري. وقلما ينتخبون على أساس إنتماء حزبي، أو موقف سياسي.

ولذلك فهم لا يشكّلون حالة سياسية قُطرية. أما الأحزاب السياسية العربية، سواء كانت عربية وطنية أو عربية إسرائيلية (بالمعنى الحرفي للكلمة)، فتتنافس تحت سقف البرلمان الإسرائيلي وبموجب قواعده. ولا يوجد سقف وطني يجمعها، ويضع قواعداً بالمسموح والممنوع. وقد يصل التنافس في الكنيست حد التآمر بمحاولة إثارة إعجاب المؤسسة الحاكمة والإعلام الإسرائيلي على حساب القوى الوطنية، وتقديم تنازلات سياسية مقابل خدمات، أو يصل حد التحالف مع القوى الصهيونية ضد القوى الوطنية منافسة.

هذا الجمع بين أحزاب عربية متنافسة في البرلمان الإسرائيلي من جهة ولجنة رؤوساء بلديات من جهة أخرى لا يشكل كيانا سياسيا ينظم شعبا. ومن هنا فإن الهيئة التي قامت عام 1981 من هذا المزيج أساساً، وسمّيت لجنة المتابعة لشؤون المواطنين العرب، على أهميتها وضرورة الإصرار على وجودها، لم تنجح أن ترتقي إلى درجة أعلى من لجنة تنسيق.

وقد نشأ في داخلها خلاف بين القوى السياسية التي ترغب بالارتقاء بها إلى هيئة وطنية تُمثل شعباً ( الحركة الإسلامية- التيار الشمالي والتجمع الوطني الديمقراطي) دون أن يتناقض ذلك مع حقوق المواطنة، وبين تيار أكثر تأكيداً على الاندماج في البنية السياسية للدولة اليهودية وفي الخارطة السياسية الإسرائيلية ويخشى أن يُفسّر التنظيم الوطني الشامل للأقلية العربية كنزعة إنفصالية. وما زال هذا النقاش دائراً.

وقد احتد عندما طرحت القوى الوطنية ( التجمع تحديدا) منذ العام 1998 أن الطريق الوحيد للارتقاء بعرب الداخل إلى حالة شعب منظم هي أن يخلق هذا السقف الوطني الذي يجري التنافس تحت ظله بواسطة إنتخاب لجنة المتابعة إنتخاباً مباشراً من قِبل المواطنين العرب على أساس ميثاق وإعلان مبادئ تقبل بها التيارات المتنافسة وتقصي الأحزاب الصهيونية.

إلى أن تحسم تلك المسألة لا يشكل العرب في إسرائيل كيانا سياسيا، يبلور إجماعا، أو حتى أغلبيةً وأقليةً ديمقراطيَتَيْن. وتظل القوى السياسية منقسمة بين قوى تتجه نحو الأسرلة بشكل مطردّ، وثانية تبلور طريقاً يجمع بين مطالب المواطنة الديمقراطية والحفاظ على الهوية الوطنية والقومية، وثالثة تبحث عن توازن بين الواقعية المعيشية وسياسات هوية دينية الطابع.

التصعيد الإسرائيلي اليميني الراهن

تعرضنا في مواقع عديدة للنزعة الإسرائيلية الدائمة للانزياح نحو اليمين منذ عام 77. لقد رافق هذ العملية حتى اللبرلة الاقتصادية والسياسية وتوسع الطبقة الوسطى وحقوق المواطن. ونال العرب في الداخل قسطاً من ارتفاع مستوى المعيشة الناجمة عن هذه التطورات وقسطاً أيضاً من الحقوق السياسية الناجمة عن توطد عملية بناء الأمة والمؤسسات وتمايزها.

ويشهد العقد الأخير ردةً يمينيةً للتضيق على الحريات ولقمع القوى الوطنية التي "استغلت" هامش الحرية المتاح لكي "تتجاوز كل الحدود" برأي اليمين الصهيوني. وتحمل بعض القوى الصهيونية اللبرالية الوعي الوطني العربي المسؤولية عن "ردة الفعل اليمينية المتطرفة". والحقيقة أنه من السخافة قصر هذه التطورات على "ردة فعل".

فهي تعكس تطورا تدريجيا مستمر نحو اليمين منذ احتلال عام 67. ورافق حتى فترة الانفتاح اللبرالي داخل المجتمع اليهودي. والحقيقة أن التشريعات والقوانين الإسرائيلية الاخيرة تحمل قدراً من ردة فعل على الوعي الوطني والثقة بالنفس عند قيادات وطنية عربية صاعدة. ولكن كان من الممكن أن يبقى رد الفعل هذا هامشياً في أحزاب يمنية متطرفة تعمل على هامش الخارطة الحزبية الإسرائيلية. ولكن التشريعات اصبحت ممكنة نتيجة تحول هذه الاحزاب إلى أحزاب حاكمة قادرة على سن قوانين. وهو وضع ناجم عن تطورات لا علاقة لعرب الداخل بها، ولا يمكنهم أصلاً التأثير فيها. إنه واقع تغلعل الثقافة الاستيطانية والدينية في قطاعات واسعة من المجتمع.

والصلف الاسرائيلي الذي تجسده الدعوات العنصرية لطرد العرب وغيرها، إنما يعبر عن غرور ناجم عن عدم وجود أي تهديد عربي أو دولي، وبالتالي غياب أي إلحاح للتوجه نحو " الاعتدال". فالتيار الصهيوني"المعتدل" هو الذي يسعى بنظر الاسرائيليين للتفاهم مع العرب، أو مع دول العالم. ولا وجود لتهديد عربي أو دولي يحتم على الاسرائيلي الدفع بقوى قادرة على تفاهم. فتاريخيا كان هنالك شعور بالتهديد، وقادت المجتمع الاسرائيلي تلك القوى، وهي التي كانت دائما نفسها القوى القادرة أيضا على إعلان الحرب على العرب.

إن انزياح المجتمع الاسرائيلي نحو اليمين الديني والعلماني على حد سواء هو نتاج عملية طويلة من فقدان اليسار الصهيوني لقوته ونفوذه وقواعد الاجتماعية. وقد كان هذه اليسار حاكما ليس فقط كذلك التيار الذي يستوطن ويبني مؤسسات الدولة ويعلن الحرب، بل أيضا كذلك التيار الذي يدّعي انه يريد السلام مع العرب. ومنذ أن زال أي خطر أمني على إسرائيل اصبح اليمين الاسرائيلي الحاكم الأكثر ثقة بالذات قادرا على التحالف مع هوامش اليمين الاسرائيلي المعادية علنا لاي سلام مع العرب، وهي ايضا الرافضة لأي مظهر او ادعاء للتسامح والديمقراطية وحقوق المواطنة للعرب في الداخل.

وحالما يتضح ان الممارسات والقوانين العنصرية "تلحق الضرر بصورة إسرائيل في الخارج" ( أي في الغرب)، ك"دولة ديمقراطية" فإنه يجري تجميد القوانين وينضم حتى نتنياهو الى إدانة بعض التصريحات العنصرية حين ينفلت الجنون تماما... وذلك كله لاعتبارات لا علاقة لها بالسلوك السياسي لعرب الداخل.

في هذه الأثناء، ومنذ عام 2000 بشكل خاص، تميّز المؤسسة الاسرائيلية عمليا بين من قوى سياسية عربية تضعها في مصاف الأعداء، وقوى أخرى تعتبرها معارضة إسرائيلية عربية شرعية. إن شعبا يريد الحياة يرد على مثل هذه المحاولات بمواقف وحدة وطنية.

لا يكون الرد على هذه الموجة العنصرية بالعودة الى التزلف والتأكيد على الاعتدال في مقابل التطرف، ونيل الرضى والإعجاب، وبتفتيت اي امكانية لنشوء حالة سياسية لغرض ايجاد قبول لدى المؤسسة الاسرائيلية، بل بالإثبات ان التخويف لن ينفع وأن المواطنين العرب في الداخل قد تجازوا حالة الخوف. فالاصرار على أسرلة الوعي والتأسرل السياسي لا يشجع اليمين على المضي في سياسته العنصرية التحريضية فقط، بل يجني أيضا على أبناء شعبه من الوطنيين، اذ يجعلهم يبدون متطرفين حتى لو كانوا الاكثر اعتدالا قيما وسلوكا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
هل يشكل العرب داخل إسرائيل حالة سياسية؟ .. د. عزمي بشارة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عزمي بشارة يحلل المشهد المصري
» ربيع العرب يعصف باقتصاد إسرائيل .. محمد محسن وتد-أم الفحم
» سلام العرب وحروب إسرائيل المقبلة! د. عادل محمد عايش الأسطل
» عيادة داخل الجسم .. رقاقة مزروعة داخل جسم الإنسان، ربما تساعد على علاج داء السكري وهشاشة العظام والسرطان .. بقلم : دانيال فيشر
» الجزائر.. حالة ميؤوس منها؟! يكتبها: سعد بوعقبة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الحرية والتقدم  :: Votre 1ère catégorie :: منتدى المساهمات الاستراتيجية-
انتقل الى: