Noureddine Boukrouh
الثورة المواطنة: الفخاخ التي يجب تفاديها
بقلم نورالدين بوكروح
ترجمة وليد بوكروح
رَفضُ الرئيس بوتفليقة التنحّي عن السلطة عند نهاية عهدته الرابعة في 18 أفريل، و اتخاذه للقرارات غير القانونية بإقامة نظام دكتاتوري ابتداء من هذا التاريخ يضعان الجزائر في وضع بالغ الخطورة.
في انحراف عقلي خطير، قام هذا الرجل الذي لا يتحرك و لا يُسمع و لا يُرى منذ سنوات، بوضع شخصه على كفّة من الميزان والأمة برمّتها على الكفّة الأخرى، زاعماً إخضاعها لنزواته المجنونة بالحيلة أو بالتخويف.
هذه هي المعضلة الكبرى، وهذه المعضلة هي التي يجب أن تعالج عن طريق تجنّد الرأي العام الوطني والدولي.
الحكومة التي ستكون قائمة غداة انتهاء عهدة بوتفليقة في 18 أفريل لن تكون لها أيّة شرعية، و كذلك "الندوة الوطنية" التي ينوي استدعائها لترافقه في انحرافه العقلي هذا.
يوم 15 مارس 2019، ستهتف الثورة المواطنة مرة أخرى برفضها للانقلاب والتمديد غير القانوني للعهدة، وبالفخاخ التي تُنصَبُ لها بغرض تكميمها، و ذلك من خلال السعي إلى استبدالها ب"متفاوضين مقبولين" للتحاور، بأحزاب سياسية و"شخصيات وطنية" لا علاقة لها بهذه الثورة. هنالك فرق كبير بين كونك "حزب سياسي" وكونك "معارض"، فإذا كان عدد الأحزاب كبيرا، فإن القلّة فقط تُعارض.
جميلة بوحيرد التي نقش التاريخ اسمها بأحرف ذهبية في كتاب البطلات اللائي حاربن العدو الخارجي، قامت يوم أمس بتنبيه الثورة المواطنة ضد فخ يُنصب لها من قبل العدو الداخلي: محاولة إفسادها عن طريق "التأطير". فكتبت في ندائها :
" يتم الحديث منذ بضعة أيام عن قوائم لبعض الشخصيات، صنعت في مخابر خفية، لتفرض في ظهركم وضد إرادتكم إدارة دمية لحركتكم. الأمر متروك لكم، أنتم الذين تكافحون يوميًا، لتعيين ممثليكم بالوسائل الديمقراطية وبشفافية كاملة."
"لقد تعرض جيلنا للخيانة ؛ و فشل في الحفاظ على معركته ضد انقلاب الانتهازيين والمزوّرين و مجاهدي الساعة الخامسة والعشرين الذين اتخذوا البلاد رهينة منذ عام 1962."
"على الرغم من غضب الشعب الذي رفضه، لا يزال الممثل الأخير لهم متمسكاً بالسلطة، في ظل عدم الشرعية والعار و الإهانة. لا تدعوا عملاءه المتخفّين بلباس الثورية، يسيطرون على حركة تحريركم. لا تدعوهم يفسدون نبل معركتكم. لا تدعوهم يسرقون انتصاركم! "
رمطان لعمامرة الذي تباهى ذات يوم بأنه خريج مدرسة بوتفليقة الذي لم يترك إهانة واحدة إلا وعرضه لها، هو اليوم يتحول بسرعة إلى نسخة مطابقة في المكر والغباء لأحمد أويحي. و اقتناعا منه بأن المرء يفوز بأوسمته من عند بوتفليقة بالانبطاح لدعم ما لا يمكن دعمه، فقد صرّح اليوم في الإذاعة:
1) عندما قرر زروال تقصير مدة عهدته، وجدَ العديدُ من الفقهاء بأن الدستور لم ينصّ على ذلك. لكن ذلك كان في مصلحة الأمة.
لا يمكن تبرير التمديد اللا دستوري لعهدة انتخابية، بمقارنتها بعهدة اختُصرت. إنهما حالتان متناقضتان تماما. لا يقارن المرء بين الاستقالة و الاستمرار في وضيفة انتخابية بعد انتهاء عهدتها. لا يمكن لأي خبير في القانون أن يدلي بهكذا تصريحات حمقاء، فالاستقالة واردة في دساتير جميع الدول التي تملك دستورا.
كما أنه لم يطلعنا على "مصلحة الأمة" التي ذهب من أجلها زروال، فبوتفليقة هو الوحيد الذي استفاد من رحيله.
2) لا يجب أن نرى القانون كعائق ... الرئيس أجّل الانتخابات كردّ على طلب ملحّ من الشعب".
من سمع هذا "الطلب الملحّ" من الشعب ؟ لم يكن أحد يتوقع قرارا عجيبا كهذا ؟ المطلب الملحّ الوحيد الصادر عن الثورة المواطنة، و الذي نسمعه منذ ثلاثة أسابيع هو: "إرحلوا ! "
الجاهل الذي يختبئ وراء تسمية "الدبلوماسي المحنك" يجهل شيئًا أساسياً: أنّ القانون هو العقبة الوحيدة منذ قرون أمام السرقة والتزوير والتعسّف في السلطة والديكتاتورية و انتهاك الدستور وتجاوز مدّة العهدة الانتخابية، و غيرها من الجرائم الأخرى.
هذا الرجل ، الذي لا يستحق أدنى احترام بعد مثل هذه التصريحات، يميل للتفكير بعقلية "الشامبيط" كلما جرّته الظروف ليتعامل مع الجزائريين. يعتقد بأنه يتعامل مع "أهالي" ؛ بينما، إن كانت عقلية "الشامبيط" لا تزال معششة فيه، فإن الأهالي الذين يعتقد أنه يخاطبهم هم الآن بصدد النجاح في ثورة مواطنة مذهلة، ستنسف به هو وسيّده مثلما ذهبت بسابقه في ارتكاب أبغض الشرور، "عسّاس الدالية"، المدعو احمد أويحي..
رابط المقال