أو إعلان رموز النظام البائد الحاكمة الفعلية في مصرالتمرد على الشرعية الشعبية (هذه العبارة لم ترد في النص الأصلي المنقول .. لكننا ارتأينا إضافتها لإزالة اللبس والغموض)
الخميس 12 يوليو, 2012 - ابوظبي، 07:54 م غرينتش
أبوظبي - سكاي نيوز عربية- لمياء راضي
رغم أن الرقم 57 ليس رقما من الأرقام المعروفة للاحتفال، مثل نصف قرن أو مائة عام أو حتى 60 عاما، إلا أن المخابرات المصرية العامة رأت فيه مناسبة لعرض قائمة إنجازاتها على الشعب المصري منذ تأسيسها، في فيلم وثائقي، في الوقت الذي تبوأ حكم البلاد أول رئيس مدني منتخب ينتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، التي ظلت محظورة لأكثر من ثمانية عقود.
"كلمة وطن"، اسم الفيلم الذي أنتجته المخابرات المصرية، ومدته 46 دقيقة وتعرضه قنوات التليفزيون المصري منذ يومين.
وسبق عرضه حملة تنويه عبر الرسائل النصية للهواتف النقالة، ما أثار فضول المواطنين في ظل الأجواء السياسية المشحونة بالتوتر، خاصة بعد المواجهة بين الرئيس المصري محمد مرسي وكلا من المحكمة الدستورية العليا، والمجلس العسكري على خلفية دعوة مرسي مجلس الشعب للانعقاد بعد قرار حله.
ويستوحي الفيلم بعض صوره من شعار الجهاز، وهو صقر ينقض على أفعى، فنرى صورة رأس أفعى تطل مع كلمة "الطامعين في انتظار غفلة" الأمن، ليقتنصوا "مصر الجائزة الكبرى".
أفرد العمل مساحة كبيرة لعهد الزعيم الراحل جمال عبدالناصر (1954-1970)، الذي أسس الجهاز في عهده عام 1954، كذلك لحكم الرئيس أنور السادات (1970-1981).
ويؤكد على قرار جعل الجهاز "هيئة مستقلة"، بينما ذكر بالكاد الرئيس السابق حسني مبارك، الذي حكم مصر طيلة 30 عاما، حتى تنحيه بعد ثورة 25 يناير 2011.
ويُعدد الفيلم قائمة العمليات الناجحة التي قادها الجهاز على مر السنين، سواء لضرب أهداف إسرائيلية، أو كشف شبكات تجسس إسرائيلية أو أميركية أو جواسيس مصريين جندتهم تل أبيب، وآخرون زرعتهم مصر هناك، كذلك مواجهة "الرياح العدوانية التي تأتي من الشرق.. من إيران".
وأثار الفيلم ردود أفعال وتعليقات متباينة بين مؤيدة ومتهكمة، ظهرت على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي بين العديدين بينهم من ألقوا "تحية للأبطال"، و"وقفة لحماة الوطن من كل من يتربص به"، وبين من رأوا فيه "دعاية ساذجة لتجميل وجه الجهاز".
"أكثر ما لفت نظري هو الاستعراض المطول لفترة الزعيم عبد الناصر، بينما الرئيس الجديد من خلفية كانت تتهم عبد الناصر بالمعاداة الشديدة للإخوان"، حسب الكاتب الصحفي عبدالله السناوي.
"أهم ما في الفيلم لقطة صغيرة لم تستغرق سوي ثوان، وهي التي يؤكد فيها على أن المخابرات العامة هيئة مستقلة. أعتقد أنها المغزى كله من الفيلم"، في نظر السناوي.
ومن وجهة نظر الكاتب هي "رسالة موجهة إلى الرئيس مرسي بعدم التعرض لجهاز المخابرات، أو محاولة فرض رقابة عليه، أو التفكير حتي في تفتيته أو السيطرة عليه".
ويتسائل السناوي عن نوع العلاقة التي ستقوم بين الرئيس مرسي، النابع من جماعة طاردها الأمن، وتتبعت السلطات تحركاتها، وضيقت عليها، حتى أنه نفسه وضع في السجن أثناء ثورة 25 يناير.
"هل ستقدم المخابرات إلى الرئيس التقارير اليومية التي يتم إعدادها عن جماعة الإخوان المسلمين ونشاطها واتصالاتها التي كانت تعتبرها فيما سبق معادية لأمن البلاد واستقرارها؟ أم ستحجم عن تقديمها إليه وتبقيها سرية؟ أم ستتوقف عن متابعة نشاط الإخوان"؟
في نظر الكاتب والمحلل السياسي جميل مطر، فإن قيام المخابرات بإعداد الفيلم وإذاعته "نابع من الشعور بوجود حملة انتقاد شديدة موجهة ضدها، ومن غير المعروف من الذي يقودها، مع وجود اعتقاد أن الإخوان هم من يحركها، لعلمهم أن الاستخبارات هي الجهاز الوحيد الذي لن يستطيعوا أن ينالوا منه".
"القائمون على المخابرات أرادوا أن يقولوا للشعب لا تحكموا علينا بناء على شائعات، وها هي إنجازاتنا العظيمة تتحدث عنا"، في رأي مطر.
لكنه يرى أن العمل "أغفل التعرض إلى هفوات الجهاز. سجل المخابرات ليس سجلا مشرفا 100%، لقد قاموا بكثير من الأفعال غير السليمة، مثل التجسس على فنانين في عهد رئيس الجهاز صلاح نصر، وابتزازهم لتجنيدهم في التجسس على زملائهم والمواطنين".
وأضاف: "إذا كنت فعلا تريد فتح الملفات والتأريخ لها، فيجب أن تواجه أخطاءك أيضا".
السناوي يوافقه الرأي، ويقول إن الفيلم أغفل "التعاون المصري الإسرائيلي في مجال الاستخبارات بعد معاهدة كامب ديفيد، وبعض العمليات أيام ثورة 25 يناير وبعدها".
بالنسبة للصحفي هاني شكر الله، مدير الموقع الإلكتروني لجريدة الأهرام بالإنجليزية، فإن عرض الفيلم "هو حملة علاقات عامة ضخمة للمخابرات، يدخل ضمنها أيضا المسلسل الذي سيقدمه عادل إمام في رمضان عن عملية استخباراتية في إسرائيل".
ويرى شكر الله أن المخابرات أصبحت تتدخل مباشرة في الحكم، حيث أنها "العقل المدبر للمجلس العسكري"، الذي حكم البلاد منذ ثورة يناير، والذي احتفظ لنفسه بكثير من السلطات حتى بعد تسليم مرسي الحكم.
"الصراع الآن على من لديه الغلبة في الحكم، ومن سينصاع لمن: أجهزة الدولة أم الإخوان المسلمون؟"، حسب شكر الله.
وفي اعتقاده فإن "المغزى من الفيلم هو التأكيد لمرسي أن المخابرات هيئة مستقلة، وعليك أن تعرف أنها لا ولن تتبعك".
المصدر