منتديات الحرية والتقدم
مرحبا بكم في بيتكم سعدنا بحضوركم ويكون سرورنا أكبر لو تكرمتم بمرافقتنا في هذا الفضاء الذي يمكنه الرقي والازدهار بمساهماتكم
منتديات الحرية والتقدم
مرحبا بكم في بيتكم سعدنا بحضوركم ويكون سرورنا أكبر لو تكرمتم بمرافقتنا في هذا الفضاء الذي يمكنه الرقي والازدهار بمساهماتكم
منتديات الحرية والتقدم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الحرية والتقدم

هذه المنتديات فضاء حر جاد للمساهمات الفكرية ولمختلف أشكال التعبير ذات الاهتمام بموضوع الحرية وارتباطه بالتقدم والرقي في ظروف إنسانية كريمة متنامية ومتواترة الازدهار دون هوادة *** لا يعبر ما ينشر في المنتديات بالضرورة عن موقف الإدارة وهي ليست مسؤولة عنه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

النظام العالمي الجديد يبرز بسرعة إلى الوجود

الشرق المتكون من روسيا القوة العسكرية الأولى في العالم ... الصين القوة الأولى الاقتصادية والتجارية حاليا .. النمور الآسيوية المتوثبة الصاعدة بسرعة ... مجموعة البريكس بصفة عامة ... أطراف أخرى متعاونة

 

 الأزمة المصريّة: مخاض الديمقراطيّة العسير .. الظّروف التي أنتجت الأزمة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
عبد المالك حمروش
المدير العام
المدير العام
عبد المالك حمروش


عدد المساهمات : 2175
تاريخ التسجيل : 10/06/2011
الموقع : منتدبات الحرية والتقدم

الأزمة المصريّة: مخاض الديمقراطيّة العسير .. الظّروف التي أنتجت الأزمة Empty
مُساهمةموضوع: الأزمة المصريّة: مخاض الديمقراطيّة العسير .. الظّروف التي أنتجت الأزمة   الأزمة المصريّة: مخاض الديمقراطيّة العسير .. الظّروف التي أنتجت الأزمة Emptyالجمعة ديسمبر 21, 2012 2:26 pm



الأزمة المصريّة: مخاض الديمقراطيّة العسير

المركز العربي للدراسات 12 ديسمبر ،2012


وحدة تحليل السياسات في المركز


الحلقة الثانية

الظّروف التي أنتجت الأزمة



جاء الإعلان الدستوريّ الذي أصدره الرئيس المصريّ محمد مرسي في 22 تشرين الثاني / نوفمبر محاولةً لتسريع إنهاء المرحلة الانتقاليّة التي بدأت منذ تنحّي الرئيس محمد حسني مبارك في 11 شباط / فبراير عام 2011، خاصّةً بعد أن أصبح مرجّحًا أن تقضي المحكمة الدستوريّة بحلّ الجمعيّة التأسيسية، بعد أن قرّرت حلّ الجمعية التأسيسية الأولى في 14 حزيران / يونيو عام 2012، لادّعائها أنّها لا تمثّل شرائح الشعب المصريّ وقطاعاته كافّة[1].

رأت مؤسّسة الرئاسة أنَّ حلّ الجمعيّة التأسيسيّة يعني دخول البلاد في دوّامةٍ جديدة تؤدّي إلى إطالة أمد المرحلة الانتقاليّة، ما يُعدّ فشلًا للرئيس المنتخب المنتمي لجماعة الإخوان المسلمين. والأهمّ أنّه سوف يلغي جولةً من المناقشات المجتمعيّة الحقيقيّة داخل الجمعيّة استغرقت أكثر من ستّة شهور، وأسفرت عن توافقٍ على أغلب بنود الدستور وعن تسويةٍ سياسيّة مع المؤسّسة العسكريّة التي يبدو أنّها لم تكن لتسلّم الرئيسَ المنتخب السلطة من دون أن تضمن أوضاعها في الدستور الجديد[2]. إنّ البدء من الصفر لا يهدّد بدوام مرحلة الفوضى الدستوريّة فحسب، بل يهدّد أيضًا بالعودة إلى المربّع الأوّل والصّدام من جديد مع مراكز القوى داخل النظام، ما حتّم إصدار قرار تحصين الجمعيّة التأسيسيّة ومنع حلّها على يد المحكمة الدستوريّة التي شُكّلت في عهد مبارك ويغلب عليها الطابع السياسيّ للنظام السابق.

من أجل ذلك، استغلّ الرئيس المصريّ المواجهات والصدامات المحدودة التي وقعت في الذكرى السنويّة الأولى لأحداث شارع محمد محمود في 19 تشرين الثاني / نوفمبر وأسفرت عن مقتل متظاهريْن كانا من المطالبين بإعادة هيكلة وزارة الداخليّة ومحاسبة المسؤولين في جرائم القتل التي حدثت في الثورة وفي المرحلة الانتقاليّة، ليصدر الإعلان الدستوريّ الذي نصّت مادّته الأولى على إعادة المحاكمات، ومادّته الثالثة على إقالة النائب العامّ. وتعدّ الخطوتان من مطالب القوى الثوريّة. لكنّه مرّر في الرزمة نفسها موادّ لتحصين الجمعيّة التأسيسيّة ومجلس الشورى وكفِّ يدِ القضاء عنهما.

لم ينجح الرئيس المصريّ في محاولة إضفاء الطابع الشعبيّ على الإعلان الدستوريّ، إذ كانت المعارضة على أتمّ الاستعداد للنزول إلى الشارع، خاصّةً بعد الحملة الإعلاميّة الكبيرة التي دامت لأشهرٍ طويلة ضدّ الجمعيّة التأسيسية، والتي شنّتها وسائل الإعلام الخاصّة المموّلة غالبًا من رجال أعمالٍ متخوّفين من طبيعة النظام الجديد، وكان لقسمٍ منهم علاقات وثيقة بالنظام السابق. وعلينا أن نسجّل أنّ الإعلام الخاصّ كان عمومًا منحازًا لقوى المعارضة، أمّا إعلام الدولة فقد كان متوازنًا في تغطيته للأزمة الرّاهنة في مصر.

تعود جذور الأزمة الحاليّة إلى تراكم الاحتقان على مدار عام، وتحديدًا منذ إجراء الانتخابات التشريعيّة التي جاءت بأغلبيّة برلمانيّة من تيّاراتِ الإسلام السياسيّ (الإخوان المسلمين والسلفيّين) إلى مجلسَي: الشعب والشورى. وعلى الرّغم من حلّ مجلس الشعب، إلا أنَّ حالة الاحتقان تكرّست في ظلّ فوز محمد مرسي، مرشّح الإخوان المسلمين بالرئاسة، وإقصائه المجلس العسكريّ في آب / أغسطس 2012 (وكان هذا الإقصاء أيضًا مطلبًا ثوريًّا) ليصبح من الناحية الدستوريّة مُسيطرًا على السلطتين: التشريعيّة والتنفيذيّة، وأصبح من الناحيتين السياسيّة والقانونيّة أكثر قدرةً على الحركة.

لقد عكس الأداء السياسيّ للرئيس المصريّ منذ تولّيه السلطة فكرة كونه يُمثّل حزب الأغلبيّة أو الحزب الفائز في الانتخابات. وعليه، كانت المحطّات السياسيّة الكبرى في رئاسة مرسي مِثل تشكيلِ الحكومة؛ وتأليفِ طاقم الرئاسة؛ إضافةً إلى قراراته في الإعلان الدستوريّ الأخير (تشرين الثاني / نوفمبر 2012) تنمّ عن سلوكٍ سياسيّ مرتبطٍ بفكرة اعتماد ما يراه حزبُ الأغلبيّة من إجراءاتٍ سياسيّة ملائمة، وليس ما تفرضه قيادة البلاد للمرحلة الانتقاليّة من اعتماد أسلوب التوافقات بين القوى السياسيّة - وبالذات الثوريّة منها - على الإجراءات السياسيّة، مع أنّه كان قد اتّفق قبل الجولة الثانية من الانتخابات مع قوى سياسيّة وثوريّة على التوافق في ما يخصّ مسألة الدستور والحكومة وتحقيق مطالب الثوّار مقابل دعمه أمام مرشّح النظام السابق أحمد شفيق، لا سيّما وأنّه كان في حاجة إلى هذا الدعم في الجولة الثانية.

وفي هذا السّياق، لم يأت الطيف الواسع سياسيًّا وفكريًّا لطاقم الرئاسة من مساعدين ومستشارين للرئيس (بصرف النظر عن أدوارهم وصلاحياتهم) نتيجة توافقٍ مع القوى السياسيّة، بل جاء مُبادرةً من رئيسٍ يمتلك الأغلبيّة. ولم يكن اتّساع الطّيف الذي جاء منه هذا الفريق مفيدًا له خلال الأزمة الأخيرة، بل أصبح عبئًا وأداة ضغطٍ عليه مع استقالة أغلب المستشارين المستقلّين، ما أربك الرئاسة المصريّة وجعلها تبدو ممثّلة لتيّارٍ واحد. ولم يكن تشكيل الحكومة أيضًا قائمًا على التوافق مع القوى السياسيّة الأخرى، ولا على برامجَ وآليّاتٍ تضمن مرور المرحلة الانتقاليّة بأمان وإنشاءَ مؤسّساتِ دولةٍ ديمقراطيّة.

لا شكّ في أنّ حكم الأغلبيّة هو ممارسة ديمقراطيّة، ولكن بعد الاتّفاق على مبادئ الديمقراطيّة والتوافق على قواعد إدارة الحكم. هذا الاتفاق هو الذي يولّد الثقة اللازمة للقبول بحكم حزب الأغلبيّة بعد كل انتخابات. ولا يجوز لهذا الحزب تغيير قواعد اللعبة التي جرى الإجماع عليها. ولا يعني الإجماع هنا توافق 100% من المجتمع، بل هو التوافق بين تيّاراته وقواه الفاعلة الرئيسة. ولا يجوز أن يحدّد هذا التوافق تيّارٌ واحد، حتى لو انتُخب ممثّلوه بالأغلبيّة في انتخاباتٍ أولى بعد الثورة. وفي حالة مصر، لا بدّ من التوافق - على الأقلّ - بين التيّارات الرئيسة التي ساندت الثورة المصريّة. وقد أدّى عدم التوافق بين هذه القوى إلى اختلاط الأوراق ونجاح قوى معادية للثورة أصلًا في اختراقها.

يفترض بالرئاسة أن تمثّل المجتمع كلّه مهما كان حجم الأغلبيّة التي انتخبتها، فمهمّتها في المرحلة الانتقاليّة هي بناء النظام الجديد الذي لا تنجزه الأغلبيّة وحدها بل يحتاج إلى توافق القوى الثوريّة. وفي المقابل، فإنَّ معارضة كلّ ما يقوم به الرئيس وصولًا إلى شعار "ارحل" ضدّ رئيسٍ منتخب، هي أيضًا ممارسة تنفي حصول ثورةٍ ديمقراطيّة في البلد وتقود إلى الفوضى. فبإمكان أيّ إنسان أن يتخيّل ما يعنيه إسقاط نظامٍ منتخب في مصر في الشارع بعد ثورة ديمقراطية، وماذا كان ليحصل لو أنّ قوًى أخرى وصلت إلى الحكم، هل سترضى بها الأحزاب الإسلاميّة؟ لا بدّ أن تبقى الانتخابات هي الحكم في مسألة الوصول إلى السلطة في النظام الديمقراطي.

ولكن، هنالك فرق بين الأغلبية الانتخابيّة اللازمة للحكم، وبين الأغلبية الدستوريّة التي تجعل هذا الحكم ممكنًا ومعترفًا به لدى القوى المشاركة في التنافس الديمقراطي. ومن أجل هذا، يجب استغلال المرحلة الانتقاليّة في التوافق على بنائها كمهمة وطنية مشتركة، وليس في التنافس فحسب. وبطبيعة الحال، هناك بونٌ شاسع بين منطق قيادة فترةٍ انتقاليّة بمهمّات كبرى تضمن تحقيق أهداف الثورة بتوافق مجمل القوى السياسيّة الثوريّة التي تحمل الأجندة نفسها ودعمها، ومنطق التصرُّف على أساس أنّ الرئيس هو زعيم الأغلبيّة الذي يُبادر ويقرّر إشراك الآخرين بمحض إرادته.

وإذا كانت أهداف المرحلة الانتقاليّة هي إنجاز مهمة وطنيّة هي اجتياز عملية التحوّل الديمقراطي، وإنشاء المؤسّسات والتشريعات والمواثيق والأدوات التي تحمي هذه الديمقراطيّة، فمن الضروريّ الوصول إلى توافقاتٍ مع القوى السياسيّة والاجتماعيّة الرئيسة في مصر.

إنّ السلوك السياسيّ الذي حكم أداء الرئيس منذ تولّيه السلطة وكذلك جماعة الإخوان المسلمين، كان ينطلق من فكرة أنّهم حزب الأغلبيّة، ولم يكن إشراك الأطياف السياسيّة والمجتمعيّة الأخرى بناءً على إستراتيجيّة شراكة المرحلة الانتقاليّة بل كان انطلاقًا من مبادرتهم الذاتيّة. إنّ هذا السلوك السياسيّ في ظلّ تخلّص الثورة من الرئيس السابق وبقاء نظامه، مكّن بقايا النظام القديم من العبث بموازين القوى بين تيارات الثورة المختلفة في مصر بهدف إحداث الفوضى.

تبنّت القوى السياسيّة المعارضة من يساريّة وقوميّة وليبراليّة وغيرها، والتي اجتمعت تحت سقف ما بات يُعرف بـ"جبهة الإنقاذ الوطني"، سلوكًا سياسيًّا شبيهًا بذلك الذي اعتمده الإخوان المسلمون، فسرعان ما دخلت هذه القوى على إثر نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسيّة (مُحفّزة بما عكسته تلك النتائج من تراجع شعبيّة الإسلاميّين) في لعبة المعارضة المُطلقَة للتيّار الإسلاميّ. لقد ارتكبت هذه القوى السياسيّة الخطأ نفسه الذي سار عليه الإخوان المسلمون، متناسيةً أنّ شروط المرحلة الانتقاليّة تختلف جذريًّا عن شروط اللعبة الديمقراطيّة في ظلّ نظامٍ سياسيّ ذي مؤسّسات ديمقراطيّة ناجزة. وأصبح أسلوب المناكفة يطغى على سلوكها السياسيّ. ولم تقم هذه القوى بتطوير برنامجِ عملٍ واضحٍ للمرحلة الانتقاليّة يُبنى على أساسه مدى تقاطعها أو افتراقها مع سياسات الرئيس مرسي وتيّاره السياسيّ.

لقد ساهم غياب برنامجٍ واضحٍ عند المعارضة في توجّه الرئيس مرسي وتيّاره السياسيّ نحو منحى أقرب إلى التفرّد بإدارة الحكم، في ظلّ انطباعه بأنّ هدف هذه القوى من المشاركة هو تهميش الرئيس وتيّاره. وساهم تعدّد القوى السياسيّة المصنفة تحت مظلّة القوى الثوريّة، واختلاف أهدافها وأجنداتها السياسيّة وطموحات قياداتها، في تعزيز هذا السلوك. ويبدو أنّ سلوك هذه القوى السياسيّة كان محكومًا - إلى حدٍّ ما - ببرنامج النقطة الواحدة وهي التحضير للانتخابات المقبلة، سواء أكانت هذه الانتخابات نيابيّة أم رئاسيّة. إنّ الادّعاء بأنّ مصر قد دخلت في حملةٍ انتخابيّة منذ إعلان نتائج الانتخابات الرئاسيّة هو ادّعاء فيه كثيرٌ من الصّحة.

هكذا تُفهم مبالغة تيّارات المعارضة المصريّة في حملتها ضدّ الرئيس الذي لم يمرّ على انتخابه أكثر من مئة وعشرين يومًا، استنفذ أغلبها في التقاط أنفاسه وقراءة مشهد خريطة القوى، وعقْدِ تسوية سياسيّة واجتماعيّة مع المؤسّسة العسكريّة، وإعادة نفوذ مصر في السياسة الخارجيّة، وخاصّةً فيما يتعلق بملفَّي سورية وفلسطين التي عانت من عدوانٍ إسرائيليّ كان للرئاسة المصريّة دورٌ فاعلٌ بالتدّخل فيه لصالح المقاومة الفلسطينيّة. ومع ذلك، لم تقدّر المعارضة إنجازات الرئيس الجديد وتجاهلتْها تمامًا حتّى أنّها فسّرت الخطوات الإيجابيّة بأنّها مؤامرة لتحسين صورة الإخوان، وهي تهمة يمكن توجيهها لكلّ من يقوم بخطوات صحيحة في الحكم بدلًا من إنصافه بكلمة حقّ.

تكمن المشكلة في أنّ الأحزاب المصريّة المعارضة بدأت من نهاية عمليّة التحوّل الديمقراطي وليس من بدايتها. وكأنّ وظيفة المعارضة هي المعارضة فحسب، ووظيفة الأغلبيّة هي تمرير إرادتها فحسب. لقد تغلب التنافس الحزبيّ على المسؤوليّة الوطنيّة المشتركة في إنجاح التحوّل الديمقراطيّ، إذ جرى التخلي عنها.

ولذلك فإن ما كان يمكن أن تقوم به قوى ثوريّة من كسر النظام السابق وتفكيك مراكز قوّته مباشرة ومن دون مناقشات طويلة، تحوّل إلى جزءٍ من التنافس الحزبيّ في مصر، لأنَّ القوى الثوريّة لم تصل مباشرةً إلى السلطة، بل بالانتخابات بعد فترةٍ من حكم المجلس العسكريّ. وأصبح بعدها كلّ شيء سبق الاتّفاق عليه في ميدان التحرير خاضعًا للتنافس بين الأحزاب.

وحتّى الأسلوب المركّب والسّلميّ الذي اتّبعته مؤسّسة الرئاسة في تفكيك النظام القديم تُرجم في آليّاتٍ مختلفة وأحيانًا متناقضة. ويمكن رصد ثلاث آليات؛ هي الحسم، والتطهير المتدرّج، والاحتواء. فأحيانًا، حُسمت العلاقة مع بعض مراكز القوى، كما جرى في حالة المجلس العسكريّ، أو كما عكسه الإعلان الأخير عن إقالة النائب العامّ، وتحييد المحكمة الدستوريّة. وأحيانًا أخرى، جرى اتّباع أسلوب التطهير المُتدرّج، كمحاولة الرئيس الأولى للتخلُّص من النائب العامّ عبر تعيينه سفيرًا. أمّا الأسلوب الثالث، فهو احتواء مؤسّسات النظام القديم واستخدامها كما يتجلّى في استخدام وزارة الداخليّة وأجهزة الشرطة من دون أنْ يكون هذا الاستخدام مترافقًا مع إجراءات عميقة تضمن اعتماد آليّاتٍ جديدة لعلاقة وزارة الداخليّة وأجهزتها مع المواطنين ومن دون إعادة هيكلة حقيقيّة في داخل الوزارة تضمن إنهاء ولاء قياداتها المفصليّة للنظام السابق أو ما كان يمثّله. وكان سلوك الرئيس مرسي في هذا الشأن يستحقّ النقد مع تفهّم الظروف. ولكن، وحتّى يكون توجيه النقد لآليّات التعامل مع وزارة الداخليّة نقدًا موضوعيًّا ومتوازنًا، فمن الضروري الإشادة بالخطواتِ الأخرى.

لقد أثبتت هذه الأزمة السياسيّة والدستوريّة في مصر خطأ ادّعاءٍ يروّجه أعداء الثورات والتحوّل الديمقراطي والملخّص في أنّ الثورات منحت الإسلاميّين القوّة المطلقة ، إذ إنّها أثبتت على العكس أنّ الثورات عزّزت قوّة الجميع من إسلاميّين وعلمانيّين ولبراليّين وقوميّين، بعد زوال الاستبداد. لقد تبيّن أنّ الفائز الأكبر من الثورات هو التعدديّة التي ظهرت وبانت ويشتدّ عودها كلّ يوم. ومن هنا، أخطأ كلّ من نعى الثورة المصريّة أو ادّعى أنّ الإسلاميّين صادروها، فلم يكن أحدهم يتوقّع أن يكون العلمانيّون واللبراليّون بهذه القوّة والتنظيم في مصر. ولكن، علينا أن نتذكّر أنّه ليس بإمكان أحد الأطراف إلغاء الآخر، فالإسلاميّون غير قادرين على إلغاء القوى اللبراليّة والمدنيّة، والعلمانيون لا يمكنهم إلغاء الإسلاميّين.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الأزمة المصريّة: مخاض الديمقراطيّة العسير .. الظّروف التي أنتجت الأزمة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الأزمة المصريّة: مخاض الديمقراطيّة العسير .. المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات
» الأزمة المصريّة: مخاض الديمقراطيّة العسير .. خريطة القوى والتّحالفات في المشهد السياسيّ الجديد
» رأى د. العوا فى قرارات د.مرسى و كيفية الخروج من الأزمة
» الثورة العربية .. هل هو المخاض العسير أو الفوضى الخلاقة؟ بقلم عبد المالك حمروش
» معسكر الممانعة بين الأزمة والواجب

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الحرية والتقدم  :: Votre 1ère catégorie :: Votre 1er forum :: مصر-
انتقل الى: