الربيع العربي يزهر في اليونيسكو .. بقلم عبد المالك حمروش

الربيع العربي يزهر في اليونيسكو .. بقلم عبد المالك حمروش

إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم .. انظروا إلى عباس الذي كان ملكا أكثر من الملك في تعامله مع الصهاينة وأمريكا والغرب وعملائه كيف أصبح عندما غيره الربيع العربي طوعا أو كرها؟ هذه المسألة التي جعلت فلسطين عضوا كاملا في اليونيسكو وهي الجزء من الكل الذي هو الأمم المتحدة التي ينبغي أن تتبوأ العضوية الكاملة فيها قريبا .. لم يكن ممكنا أن يتم هذا قبل الربيع العربي لكنه أصبح ضرورة لا محيد عنها أثناءه بل لدى بداياته لأن الثورة العربية التي أدخلت تغييرات جزئية محلية لا زالت في بداياتها ولم تستلم السلطة بعد في أي بلد عربي من الثلاثة التي أزاحت رأس النظام أو الاثنين المباشرين للصراع اليومي مع الطغيان أو تلك التي تتململ تمهيدا للثورة أو التغيير بطريقة ما إن أمكن ذلك .. ما يحصل يبدو عاديا بفعل تسلسل الأيام والأحداث لكنه في الواقع شيئ مهول لم يكن يخطر حتى في الخيال قبل مستهل الربيع العربي الساري .. ما كان بإمكان أحد على الساحة العربية أو العالمية أن يتحدى الكيان الصهيوني وأمريكا .. فما بالك بالانتصار عليهما وفي الساحة الفلسطينية بالذات .. لقد أدخلت الثورة العربية وهي في بدايتها الأولى تغييرا مهولا على السياسة الدولية وأصبح بالإمكان إنجاز أمور كانت بالأمس القريب مستحيلة ذلك أن السياسة مصالح وما يجري على الساحة العربية وهي أرض المصالح الضخمة أصبح من الضروري معه إدخال مصلحة الشعب العربي في معادلة التعامل السياسي العالمي وهو الرقم الذي كان مغيبا ومهملا تماما بسبب الاستبداد الذي يقدم نفسه على أنه المتعامل الوحيد في الشأن العربي مما خلق وضعا غريبا يتعامل معه الخارج بمنطق الحفاظ على مصالحه مقابل الوعد بحماية السلطان في بلاد العرب ضد شعبه المهدد لحكمه ولمصالحه السياسية ومصالح الغرب والكيان الصهيوني .. الآن أصبح الخارج ومنه الغرب يراعي مصالح الشعب العربي مراعاة كبيرة كون الثورة أشرت على أن المستقبل يسير في هذا الاتجاه حيث ستتمكن الشعوب قريبا من التحكم في مصائرها ومن ثم التعامل على أساس مصالحها ولم يعد هناك بالإمكان إقامة العلاقات السياسية والاقتصادية مع البلدان العربية إلا على أساس تبادل المصالح بين الشعوب والحكومات الممثلة لها وليس لنفسها وشللها كما كان الأمر قبل حين .. في ظل هذه المتغيرات العميقة تحول عباس من مجرد خاضع متعاون مع العدو على حمايته من شعب فلسطين ومطبق بكل دقة لتعليمات أمريكا التي تصب في مصلحة الكيان الصهيوني وأمنه إلى مناضل يطلب الحق الفلسطيني في المنظمات الدولية وفي المنظمة الأم التي هي الأمم المتحدة وقد كان ذلك هو طوق النجاة لعباس من الربيع العربي الذي كان يهدد كرسيه بجدية كبيرة .. هذا الربيع الجميل هو الذي جعل الأغلبية الساحقة من الدول تصوت لصالح عضوية فلسطين الكاملة في اليونيسكو .. وترد أمريكا على ذلك بسحب حصتها في تمويل المنظمة الثقافية العالمية ويستغل العدو الفرصة ليقرر بناء مستوطنات جديدة حول القدس الشريف وفي الضفة مما يؤشر على أن أمريكا والكيان الصهيوني يمارسان لعبة الانتحار بوقوفهما في وجه تيار التغيير التاريخي التي تهب قوية على المنطقة العربية بل على العالم قاطبة بما في ذلك الحركة الشعبية المتأججة في أمريكا والكيان الصهيوني والتي استمدت منهجيتها وروحها من ثورة العرب المفخرة هذه الأيام والذي لن ينجو منها نظام أي كان في العالم كله ما لم يستجيب لروح التغيير وإصلاح شأنه السياسي والاقتصادي بشكل عميق يصب في مصلحة الجماهير الزاحفة لاسترجاع حقوقها المشروعة من مغتصبيها المستبدين الظاهرين أو المختفين وراء مظاهر ديمقراطية زائفة كما هو الشأن في أمريكا والكيان الصهيوني .. كل هذا وغيره من الظواهر والأحوال التي جلبها وأنشأها الربيع العربي ويصعب حصرها جعل هذا الربيع يزهر في اليونيسكو بزهرة جميلة رائعة فاتنة تسمى فلسطين في قلب عاصمة الجن والملائكة باريس .. وما هذه وغيرها مما يحدث هذا العام إلا البواكير الأولى للربيع العربي البارع الحسن.

عبد المالك حمروش

» رأي في أحداث اليوم .. بقلم عبد المالك حمروش
» الأيام كاشفة لحقائق الصراع القائم في بلدان الربيع العربي .. دلالات آخر التطورات .. بقلم عبد المالك حمروش
» ما ذا تريد عائشة القذافي حقا؟ بقلم عبد المالك حمروش
» خارطة التحالفات بعد الربيع العربي .. بقلم/ حسام الدجني
» مغامرة ربط الحب بالزواج في المجتمع العربي ... عبد المالك حمروش