منتديات الحرية والتقدم
مرحبا بكم في بيتكم سعدنا بحضوركم ويكون سرورنا أكبر لو تكرمتم بمرافقتنا في هذا الفضاء الذي يمكنه الرقي والازدهار بمساهماتكم
منتديات الحرية والتقدم
مرحبا بكم في بيتكم سعدنا بحضوركم ويكون سرورنا أكبر لو تكرمتم بمرافقتنا في هذا الفضاء الذي يمكنه الرقي والازدهار بمساهماتكم
منتديات الحرية والتقدم
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتديات الحرية والتقدم

هذه المنتديات فضاء حر جاد للمساهمات الفكرية ولمختلف أشكال التعبير ذات الاهتمام بموضوع الحرية وارتباطه بالتقدم والرقي في ظروف إنسانية كريمة متنامية ومتواترة الازدهار دون هوادة *** لا يعبر ما ينشر في المنتديات بالضرورة عن موقف الإدارة وهي ليست مسؤولة عنه
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

النظام العالمي الجديد يبرز بسرعة إلى الوجود

الشرق المتكون من روسيا القوة العسكرية الأولى في العالم ... الصين القوة الأولى الاقتصادية والتجارية حاليا .. النمور الآسيوية المتوثبة الصاعدة بسرعة ... مجموعة البريكس بصفة عامة ... أطراف أخرى متعاونة

 

 الحلقة الثانية من سلسلة الرغيف المر

اذهب الى الأسفل 
2 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
رويدة الغيث
مشرفة
مشرفة
رويدة الغيث


عدد المساهمات : 24
تاريخ التسجيل : 06/02/2012

الحلقة الثانية من سلسلة الرغيف المر Empty
مُساهمةموضوع: الحلقة الثانية من سلسلة الرغيف المر   الحلقة الثانية من سلسلة الرغيف المر Emptyالخميس فبراير 23, 2012 10:12 pm

قرية صامته.
.


أي نعاس تراه يراود عيون يحاصرها برد وجوع وخوف في ليلة شتاء قاسية... والوحدة

أقسى .قبل ساعات كنت قد نزلت من كوخي إلى القرية علي .. أجد شيئا يصلح للأكل أشتريه .. فوجدت الحوانيت الثلاثة مقفلة..

كان من قوانين القرية أن إذا نزل المطر توقفت الحياة ، ودخل كل إنسان إلى بيته ، واقفل بابه عمّن حوله...

تجوّلت بأنحاء قرية باردة الأطراف كجسد ميت ..


رميت بنظري إلى الطريق الوطني الذي كان يمرّ على أطرافها.. فرأيت سيارة قد توقفت على جانبه الأيمن ، فكرت

في أن اتجه إليها وأسال صاحبها لقمة تسد رمقي ...


قد أجبرني عملي في هذه القرية على أن ألعب أدوارا كثيرة في شخصية واحدة. ...لقد بت أبحث عن شخصيتي

الأصل فأجدها مجبرة على الاختفاء تحت كم من الشخصيات مثلما أجبر ذاك البرد جسدي النحيف على أن يختفي تحت كم من القمصان

، والسراويل ، والجوارب...

لأبحث عن نفسي كان يجب أن أنقـّب زمنا في خليط من شخصيات.. يمتزج فيها الحارس الليلي ، والممرض ، والكهربائي ،

والاسكافي والخياط ...وربما حرف أخرى قد لا تحضر ذاكرتي الآن...

أين الأنا؟ بعيدة جدا ..قد يطول البحث عني كامرأة ، كأنثى، كقلب..كانسان ..

إن أدائي تلك الأدوار الرّجالية قد اكسبني من شجاعة الرجال، وجعلني أحيد عن ضعف كثير من النساء.. واهتمامات المودى

والمساحيق والفساتين و الألوان ..

إن أدائي لأدوار رجالية مجبرة ليتعبني..

كم كنت أتمنى أن أصادف من يشعر بي كانسان..


شخصية التسوّل فشلت في أدائها..

وقبل أن اخرج من ترددي بقرار غادرت السيارة موقفها وبقيت اتتبعها بنظري حتى اختفت ..آه لو حملتني إلى بيتي.. إ

لى محلات مدينتي ..مدينتي التي كنت أكره انحصارها أيّام كنت أتفسح في اتساع وهران..هي بالنسبة إليّ اليوم حلما..

عند عودتي مدينتي نهاية الأسبوع كنت أجدني مشتاقة للألوان، للحركة.. للبشر .. للفوضى للضجيج ..لأبواق السيارات ...

يا لخبز أمي بالمساء! ..ويا لجوعي بهذا المساء...!.

عدت إلى كوخي تجرّني خيبتي ..ورحت أفتش في سلة كنت أضع بداخلها مؤنه الأسبوع .. فوجدت حزمتين صغيرتين .. الواحدة منهما

بمقدار فنجان قهوة..واحدة من أرز وأخرى من عدس.. فكرت في أن أطهو العدس ..وليس عندي خضر ..ولا طماطم..عدس وماء لا

يصلح..سأطهو حبات الأرز..أرز وملح يصلح إلى حد ما..لحسن حظي كان ما يزال بقارورة الغاز ذخيرة..

ولقارورة الغاز حكاية أخرى لقد اعتادت الشاحنة حاملة قارورات الغاز أن تضرب للأهالي موعدا مرة في الأسبوع ...

وكم تكون المعانات إذا صادف الموعد يوم ممطر..

قد كان مسكني يقع بأعلى التلة.. والطريق موحلة كنت ادفع القارورة فيلفها الوحل كلما استدارت فيتضاعف ثقلها وعند وصولي بها

تكون قد استنفدت مني كل قوة ..

صديقاتي اللواتي كنّ يعرفنني قبل أن استلم عملي بالقرية يتعجبن من نحافتي الأيام ..وعادة ما يسألنني عن السر ؟أهو حمية ؟ ..أم حمام

سونة؟ أم مستحضر كيماوي؟ أم أعشاب .. قد غاب عنهن السر الأهم ..وهو أنني مند خمس سنوات أعيش في أكبر مختبر للنحافة..

قد غاب عنهن أن خوف الأنثى في ليلة واحدة يذيب دهونا تجمعت بجسدها لسنة كاملة .. غاب عنهن أن البرد ..والوحدة يكفيان لصنع

نحافة امرأة حد بروز العظام..وأن صمت هذه القرية التي قـُدر لي أن أقدم إليها كمُدرّسة قبل خمس سنوات وحده كاف لأن ينحتني جسدا

وروحا..

لم أكن أتوقع أن قسوة البطالة تكسبني عملا يجعلني أخسر أشياء كثيرة أهمها صحـّتي ..

في أول يوم وضعتني فيه سيارة أجرة في تلك القرية .. بكيت لحظة مغادرتها..


بكيت وأنا أرى أحلامي تتكسر على صمت وجمود القرية ..وانعزالها.. بكيت بدموع الداخل لزنزانة بجرم لم يقترفه.. بحكم ثقيل..

يومها استغربت لنحافة الناس ، ولم أكن أتوقع أن جسدي القوي سيسير إلى ما سارت إليه أجسادهم.

الجوع تجربة لا يعرف حقيقتها إلا من جربها ..


يذكرني جوعي بشيخ خرف في آخر أيامه.. أصيب بمرض الهلوسة .. كان لا يكف عن تحذير الناس من المجاعة .. لقد

عاش مجاعة الأربعينات أيام الاحتلال الفرنسي ذاق طعم الجوع ..

الجوع وحده كاف لأن يخلط ملامح البشر وطريقة تفكيرهم..لأن يحد أحلامهم ..لأن يخلق الجريمة بينهم..

إن سرطان الجوع لينتشر بأماكن خفية من هذا الوطن.. قد لا تتمكن عدسات الأشعة السياسية من تحديد مكانه .. ولا قطر انتشاره..

ترى ما مدى تأثير الأزمة العالمية على هؤلاء القرويين...؟

...وماذا لو اتحّد الجوع والليل ضد قلب امرأة وحيدة بقرية تبعد عن مدينتها بأكثر من ثمانين كيلو متر؟

قبل قليل كنت أفكر في مصطلحات جغرافية أقحمت في برنامج السنة الثالثة ابتدائي.. وكيف يمكن لعقول أطفال لا تعرف من جغرافية

هذا الوطن والعالم أبعد من المدى الذي تراه أعينها أن تدرك تلك المصطلحات ..

لكنهم يدركون جغرافيا الجوع بدقة متناهية.. ،ترى هل فكّر دكاترة سياسة الإصلاح التربوي ومفتشيه من مقاعدهم العليا بالعاصمة

بأطفال كهؤلاء.. أو فكروا في شعور العجز الذي ينتاب معلمة وهي تفشل في تمرير تلك البرامج إلى أذهان أطفال تغيب عنها

الوسيلة..أذهان يحاصرها الجوع وصمت القرية وبدائيتها ...

واحترقت حبات الأرز في لحظة احتراق فكري ..وضاعت ذخيرة من غاز سأدفع ثمنها بردا بعد يومين...

قبل قليل سمعت صوت المؤذن متقطعا ينادي لصلاة العشاء..

ترى هل سيتيح برد الشتاء فرصة لرجال القرية أن يصلوا العشاء خارج منازلهم؟..لا اعتقد..

الإمام اخبرني انه يصلي الفجر منفردا ..وأظنه الليلة سيصلي العشاء كذلك..فبرد الليلة يبلغ أقصى درجاته...

فراشي البارد تراني بأي حيلة ادخله؟...في كل ليلة يمتص دفئا من جسدي قبل أن يدفئني ،طريقة تدفئة معكوسة تدعو للسخرية ...

انه صراع الجسد ضد البرد...

في ليلة كتلك إذا ما لامس جفني الآخر أجده باردا..وكانت لي مدفأة صغيرة أناوب عليها جسدي أطراف بدقائق متعادلة محسوبة قبل أن

آوي إلى فراشي...

لقد علمتني الحياة هناك أن احتال على البرد..

تعلمت أن أتكوم في فراشي كما الجنين في بطن أمه ..

وان أجعل من أنفاسي مصدرا حراريا يدفئني.. بتلك الطريقة فقط لم يكن البرد يوقظني على الساعة الثانية صباحا لأوقد مدفأتي وأدير

حولها جسدي كما تدور شرائح الكباب في المشواة...

في ذاك الصمت كثيرا ما كان يُخيل إلي أن هاتفي النقال قد رن.. رغم أنه آنذاك لم تكن الشبكة تغطي المنطقة ، فأفرح

وما تلبث فرحتي أن تتبدد مثلما تبددت أحلامي بالأدب ...والدراسات العليا وأحلام كثيرة ...

إن صفعات الحياة لتعلم الإنسان أن يحلم بتروّ ...لقد بت لا أثق في أي حلم أحلمه .. وتقلـّصت مساحات أحلامي.. ولم يعد قلبي سوى

مقبرة لأحلام كبيرة كانت حياتي...

آه يا أمي الحانية... كم أنا جائعة والساعة الآن الواحدة...


أحاول أن أنام وشخصيتي التي ترتدي لباس الحارس الليلي تأبى، إن شعور اللأمن يجعلني أنام وجانب من عقلي لا ينام ..

آه يا لوحدتي...!. لو كان لي بعض الجيران يؤنسني ضجيج أطفالهم..

تنام أعين القرويين في ظلمة لفـّتها وأنى لبشر منهم أن يفكر بوحدتي ..وخوفي.. وجوعي..

خوفي الأكبر أن ينقطع التيار الكهربائي .. مثلما حدث ذات الليلة..

ليلة أول مرة أعيش فيها تجربة رعب الخوف..

لم أكن أحسب له انقطاعا ليلتها..بينما كنت أحضّر مذكراتي انقطع ليضيقني مرارة الخوف بطعمها الحقيقي الذي يعجز غيري أن يميز

حدّته ...لحظتها تجمدت في مكاني .. جدت القلم بيدي أثقل من حديد..و انتصب شعري وحراب خوفي بداخلي...

في ظلمة راحت الدموع تفيض من عيني وأعجز عن تحريك يدي لأمسحها ... ليلتها أغمي علي بعد جمود..

وبعد مسافة وقت لم أع أمدها احرق خدي برد الأرضية ..


فتحت عيني فوجدت المصباح قد أضاء..
.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
عبد المالك حمروش
المدير العام
المدير العام
عبد المالك حمروش


عدد المساهمات : 2175
تاريخ التسجيل : 10/06/2011
الموقع : منتدبات الحرية والتقدم

الحلقة الثانية من سلسلة الرغيف المر Empty
مُساهمةموضوع: الحلقة الثانية من سلسلة الرغيف المر   الحلقة الثانية من سلسلة الرغيف المر Emptyالسبت فبراير 25, 2012 2:15 am

هذه السلسلة الرائعة هي عبارة عن مذكرات معلمة في قرية نائية من الوطن الجزائري الفسيح .. مذكرات هذه هي حلقتها الثانية التي تشهد على أن الحاجة أم الاختراع كما قيل قديما .. وتبين أن الإنسان في معاناته لقسوة الطبيعة والسياسة يمكن أن يتعلم أشياء كثيرة بحكم الضرورة من بينها الإبداع المعبر ببلاغة خاصة عن محنته المفيدة أيضا والتي لولاها لما شعر بالحاجة إلى التعبير الفني ولا مارسه ولا أصبح على أبواب الشهرة الأدبية أو الفنية بصفة عامة حسب نوع التعبير الذي يصطنعه .. ليس هذا النص مجرد وصف للقرية الصامتة حيث تدرس معلمتنا المناضلة الفنانة بل هو فضح وتعرية أيضا للمجتمع والسياسة والتربية وإظهار فظائعها وكوارثها من خلال أحوال معيشة يعجز الخيال عن تصورها عاشتها المعلمة المكافحة فعلا وعانت منها كما تكون الحالات القصوى للمعاناة .. حلقتك هذه سيدتي الفاضلة أيضا شهادة شرف ونبل وبطولة تستحقين عليها أرفع وسام وطني لو كانوا يعقلون .. دمت متألقة أيتها الكاتبة القديرة .. تحياتي وتقديري.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الحلقة الثانية من سلسلة الرغيف المر
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الحلقة الأولى من سلسلة الرغيف المر
» الحلقة الثالثة من سلسلة الرغيف المر
» الرغيف المر .. الحلقة الرابعة .. قسم تنيره الشموع .. بقلم: رويدة الغيث
» الحلقة الحادي عشر من الرغيف المر...البدوي الصغير..
» الحلقة السادسة من الرغيف المر...البستان الأخضر... بقلم رويدة الغيث

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الحرية والتقدم  :: Votre 1ère catégorie :: Votre 1er forum :: التربية والتعليم والتكوين-
انتقل الى: