تحليل للثورات العربية فى كتاب جديد للكاتبة المغربية وفاء صندى

صدرعن دار منتدى المعارف اللبنانية كتاب "غياب الرؤية الحضارية في الحراك الثوري العربي" للكاتبة المغربية وفاء صندي، وجاء هذا الكتاب كقيمة مضافة للمكتبة العربية، حيث يعدّ من الأعمال الموضوعية المحايدة القليلة التي صدرت حتّى الآن لتقييم "الربيع العربي". وعلى خلاف العديد من الكتب الكثيرة التي صدرت منذ اندلاع الثورات العربية بالمبالغة والتضخيم أو بالتقزيم والطعن في هذه الثوارت إلا أن الكاتبة تتجاوز هذه الاشكاليات وتحدد المصطلح والتوصيف المناسب لما يسمى بـ"الربيع العربي" على كونه حراكا ثوريا لم يكتمل بعد، وتحدد الأسباب والعلل لتعثره.    وتصدت المؤلفة بالتّحليل والنقد لما حدث في المنطقة العربية من تغيرات جذرية في بنيتها في محاولة لاكتشاف دوافعها الحقيقيّة مثل تونس ومصر وليبيا واليمن  فضلا عن الأمل السوري الذي انقلب إلى كابوس دموي؛ كما تصدت أيضا إلى التغيرات الناعمة التي امتصت غضبة الجماهير الباحثة عن حريتها مثل المغرب والأردن، كما كشفت النقاب عن البركان الخامد في ممالك وإمارات الخليج العربي مثل سلطنة عمان والمملكة السعودية، كما تناولت بالتشريح التغيرات التي تم التكتم عليها في الدول العربية "المنسية" مثل الصومال وموريتانيا وجزر القمر...   هذه الثورة التي عدتها وفاء صندي في تقديمتها لهذا الكتاب حراكا عربيا ثائرا يمضي في الطريق المعكوس حيث تكريس الأنا والديكتاتورية أو بمعنى أدق (صناعة الديكتاتور)، التي طالما قضت على هذه الأحلام الثورية بداية من ثورة المصريين التي اطاحت بالوالي العثماني وتعيين محمد علي الالباني مكانه لتدخل الثورة- على الرغم من التنوير الضئيل الذي احدثه محمد علي لمصر- في منعطف تكريس الملك بمفهوم العائلة العلوية إلى ان أتت الثورة العسكرية في زي أحمد عرابي في سنة 1882 مرورًا بالثورة المدنية 1919، حتّى ثورة 23 يوليو 1952، لتدخل مصر وتستقر في الحكم العسكري بزي مدني، وصولا إلى 25 يناير2011 ليتم الاطاحة بأخر رئيس عسكري في ثوبه المدني المستبد، والاتيان برئيس مدني بزي ديني ولتبدأ المفارقات في الحالة المصرية العثرة. وتشير الكاتبة في مقدمتها إلى 30 يونيو 2013 ليتوقف قطار الحراك الثوري على النقطة صفر. وتذكر الكاتبة أن ظلال المشهد المصري بكل زخمه وتعثراته يعد نموذجا مقيما للأزمة الثورية العربية في المنطقة ككل.   يقدم الكتاب قراءة تحليلية وتوثيقيّة متعددة الأبعاد لما تسمية الكاتبة "الحراك الثوري"، وتضع بين أيدي القراء والتاريخ جملة من الشهادات الأكاديمية والبحثية من المفكرين العرب والأجانب وأهل الخبرة والاختصاصات لتقدم من خلالهم نماذج حية من أسئلة دارت على ألسنة الشعوب المطحونة والتي تم تغييبها عن عمد  لتصل إلى تفسير منطقي لما حدث في العامين (25يناير2011- 25يناير2013)، كنوع من تقييم التجربة الثورية العربية ككل.